اضطرابات التركيز والإصغاء المعروفة علمياً باسم اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط أو بدونه (ADHD/ADD)، هو أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً بين الأطفال والمراهقين، وقد يمتد تأثيره إلى مرحلة البلوغ. يتميز هذا الاضطراب بصعوبات مستمرة في التركيز والانتباه والتحكم في السلوك؛ مما يؤثر بشكل كبير على الأداء الأكاديمي والعلاقات الاجتماعية والوظائف اليومية.
في هذه المقالة سنستعرض أسباب اضطرابات التركيز والإصغاء والعوامل المؤثرة عليه وكيفية التشخيص الصحيح بالإضافة إلى أحدث الأساليب العلاجية والنفسية التي تهدف إلى تحسين جودة حياة المرضى وأسرهم.
ما هو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط ADHD؟
يعد اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط أحد أكثر اضطرابات النمو العصبي شيوعاً ودراسةً لدى الأطفال، وقد اكتشف العلماء وجود اختلافات في الأدمغة والشبكات العصبية والناقلات العصبية للأشخاص المصابين بهذا الاضطراب.
يصعب على الأشخاص المصابين إدارة سلوكهم والانتباه، ولا يستطيعون السيطرة على فرط نشاطهم ولا على تنظيم مزاجهم، ومن الصعب جداً اتباع التعليمات أو الجلوس بهدوء.
عادةً ما تشخص الحالة أثناء مرحلة الطفولة وغالباً ما تستمر حتى مرحلة البلوغ، ومع ذلك يتوفر علاج فعال؛ لكن إذا تُرِك الاضطراب دون علاج فقد يتسبب في مضاعفات خطيرة مدى الحياة.
ما هو اضطراب التركيز دون فرط النشاط ADD؟
هو نوع من اضطرابات نقص الانتباه الذي يتميز بصعوبة مستمرة في التركيز والانتباه، لكن دون أن يكون مصحوباً بفرط النشاط أو السلوك الاندفاعي. يُعتبر هذا النوع أقل ظهوراً وأكثر صعوبة في التشخيص مقارنة بـ اضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة (ADHD) لأنه قد لا يلفت الانتباه بسهولة إلى سلوك الطفل أو البالغ المصاب بسبب قلة الحركات الاندفاعية.
أعراض ADD
- ضعف الانتباه والتركيز: يتضمن هذا صعوبة في التركيز على المهام خاصة الطويلة أو المعقدة مع تشتت الانتباه بسهولة بسبب المحفزات الخارجية، كما يواجه المريض صعوبة في متابعة المحادثات أو التعليمات.
- مشاكل تنظيمية: مثل النسيان المستمر للأشياء (مثل الأدوات أو المواعيد) وعدم القدرة على إتمام المهام أو المشاريع، كما يحدث صعوبة في تنظيم الوقت وإدارة الأولويات.
- السلوك الهادئ نسبياً: قد يبدو الطفل أو الشخص المصاب شارد الذهن أو “في عالم آخر” ولا يظهر النشاط الزائد أو الحركات المفرطة المرتبطة بـ ADHD.
- تأثيرات أكاديمية واجتماعية: يحدث ضعف في الأداء الدراسي بسبب التشتت والنسيان، مع ميل للانعزال الاجتماعي بسبب صعوبة متابعة المحادثات أو الأنشطة الجماعية.
ما هو الفرق بين ADD وADHD؟
ADD يرتبط أساساً بصعوبة الانتباه فقط، دون فرط الحركة أو السلوك الاندفاعي أما ADHD يجمع بين صعوبات الانتباه وفرط النشاط أو الاندفاعية.
ما هي أعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط ADHD؟
سيقوم مقدم الرعاية الصحية بتشخيص الحالة بناءً على وجود أو غياب أعراض معينة، ومن الملاحظ أن الأعراض تظهر عند الطفل في منطقتين على الأقل من بيئته (مثل المدرسة والمنزل) وذلك خلال ستة أشهر على الأقل.
يستخدم مقدمو الرعاية الصحية علامات اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لتشخيص وتحديد نوع الحالة: عدم الانتباه أو فرط النشاط/الاندفاع أو الاضطراب المزدوج أو غير المحدد. كما يوفر الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية للجمعية الأمريكية للطب النفسي (DSM-5-TR™) إرشادات يستخدمها مقدمو الرعاية الصحية لتشخيص الحالة.
تشمل الأعراض الشائعة في الحالات التجنبية من الاضطراب ونقص التركيز:
- صعوبة في الانتباه إلى التفاصيل أو ارتكاب أخطاء غير مقصودة.
- مشاكل في التركيز على المهام والأنشطة.
- صعوبة في الاستماع جيداً أو أحلام اليقظة أو التشتت.
- صعوبة في اتباع التعليمات و/أو إنهاء المهام.
- صعوبة في تنظيم المهام والأنشطة.
- تجنب أو عدم الرغبة في المهام التي تتطلب جهداً ذهنياً مستمراً.
- فقدان الأشياء بشكل متكرر.
- التشتت بسهولة بسبب المحفزات الخارجية.
- نسيان الأنشطة اليومية.
تشمل الأعراض الشائعة في الحالات التي تضم النشاط المفرط/الاندفاعي:
- العبث باليدين أو القدمين أو النقر عليهما أو الالتواء بشكل متكرر.
- عدم القدرة على الجلوس بهدوء.
- الجري أو التسلق عندما لا يكون ذلك مناسباً.
- صعوبة اللعب أو المشاركة في الأنشطة الترفيهية بهدوء.
- كثرة الكلام.
- إعطاء الإجابات قبل إكمال الأسئلة.
- صعوبة انتظار دورهم بشكل متكرر.
- مقاطعة محادثات الآخرين أو ألعابهم أو التطفل عليها غالباً.
أسباب اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
حدد العلماء الاختلافات في بنية الدماغ ونشاط الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب، كما تبين أنه تميل أدمغة الأشخاص المصابين إلى الوصول إلى مرحلة النضج الكامل في وقت لاحق مقارنةً بأدمغة الأشخاص الطبيعيين.
على الرغم من اكتشاف الباحثين لهذه الاختلافات في الدماغ إلا أنهم لا يفهمون تماماً سبب حدوثها وتسببها في ظهور أعراض الاضطراب، لكن الأبحاث الحالية تُظهر أن العوامل الوراثية تلعب دوراً حيوياً.
قد تشمل الأسباب المحتملة الأخرى وعوامل الخطر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ما يلي:
- التعرض للرصاص.
- تعاطي المخدرات أثناء الحمل.
- الولادة المبكرة.
- انخفاض الوزن عند الولادة.
مضاعفات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
بدون علاج يمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى عدد من المضاعفات طويلة الأمد، قد تشمل هذه المضاعفات:
- انخفاض احترام الذات.
- الاكتئاب والقلق.
- اضطرابات الأكل.
- مشاكل النوم.
- اضطراب تعاطي المخدرات.
- السلوكيات الخطرة والاندفاعية.
- حوادث وإصابات القيادة المتكررة.
- مشاكل في العلاقات والتفاعلات الاجتماعية الأخرى.
- ضعف التحصيل الدراسي.
- عدم الاستقرار الوظيفي.
تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
لا يوجد اختبار لتشخيص هذا الاضطراب، حيث يتطلب من مقدم الرعاية للطفل اتخاذ عدة خطوات ويجمع الكثير من المعلومات لمساعدته في التشخيص.
ويعد العامل الرئيسي في التشخيص، هو ملاحظة العديد من الأشخاص لسلوكيات الطفل المرتبطة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في أماكن مختلفة مثل المدرسة والمنزل.
كما لا بد من أن تكون تلك العلامات ظاهرة في مكانين أو أكثر (المنزل والمدرسة و/أو المواقف الاجتماعية) وتسبب خللاً وظيفياً.
علاج فرط الحركة ونقص الانتباه
الهدف من علاج الاضطراب هو تحسين أعراض الطفل حتى يتمكن من العمل بشكل أكثر فعالية في المنزل والمدرسة. بالنسبة للأطفال الأصغر سناً (من سن 4 و5 سنوات) يوصي مقدمو الرعاية بتدخل الآباء كخط أول من العلاج قبل تجربة الأدوية.
وفي معظم الحالات، يتضمن أفضل علاج للأطفال الأكبر سناً والمراهقين والبالغين مزيجاً من العلاج السلوكي وأدوية اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
العلاج السلوكي
بالنسبة للأطفال الأصغر من 13 عاماً يوصي مقدمو الرعاية بتدريب الوالدين على إدارة السلوك، أما بالنسبة للمراهقين يوصون بأنواع أخرى من العلاج السلوكي والتدريب مثل تدريب المهارات الاجتماعية أو تدريب الوظيفة التنفيذية.
الهدف من العلاج السلوكي هو تعلم أو تعزيز السلوكيات الإيجابية، مع القضاء على السلوكيات غير المرغوب فيها أو المثيرة للقلق.
الأدوية
يمكن أن تساعد الأدوية الأشخاص المصابين في إدارة أعراضهم والسلوكيات التي تسبب مشاكل مع أصدقائهم وعائلاتهم.
وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على عدة أنواع مختلفة من الأدوية لعلاج الاضطراب عند الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 6 سنوات، مثل:
- المنشطات: المنشطات هي أكثر أدوية اضطرابات التركيز استخداماً، ويُظهر ما بين 70% و80% من الأطفال المصابين أعراضاً أقل عند تناول هذه الأدوية.
- غير المنشطات: لا تعمل غير المنشطات بنفس سرعة المنشطات ولا يكون لها تأثير كبير بشكل عام، ولكن تأثيرها يمكن أن يستمر لمدة تصل إلى 12 شهراً.
تُظهر العديد من الدراسات أن أوميغا 3 (أحماض دهنية أساسية) يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في علاج بعض أعراض هذا الاضطراب خاصة في تحسين التركيز والسلوك وتقليل الاندفاعية. تعدّ أوميغا 3 هي أحماض دهنية ضرورية لا يستطيع الجسم إنتاجها بنفسه، لذلك يجب الحصول عليها من الغذاء أو المكملات.
أهمية أوميغا 3 في ADHD؟
أوميغا 3 وخاصة حمض الدوكوساهيكسانويك (DHA) وحمض الإيكوسابنتاينويك (EPA) هي مكونات رئيسية في خلايا الدماغ وتلعب دوراً حيوياً في:
- تعزيز وظائف الدماغ: عن طريق تحسين الاتصال بين الخلايا العصبية ودعم نمو الدماغ وتطويره عند الأطفال.
- تنظيم النواقل العصبية: عن طريق تحسين مستويات النواقل العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين وهي مهمة للتحكم في الانتباه والسلوك.
- تقليل الالتهابات: تعمل أوميغا 3 كمضاد للالتهابات مما قد يساعد في تحسين صحة الدماغ بشكل عام.
تختلف الجرعات بناءً على العمر والحالة الصحية، لكن غالباً ما توصي الدراسات بجرعات تتراوح بين 500 إلى 1000 ملغ يومياً من EPA وDHA مجتمعة.
هل يمكن الوقاية من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD؟
يعتقد العلماء أن العوامل الوراثية تلعب دوراً رئيسياً في تطور الاضطراب، لذا لا يمكن منع حدوث هذه الحالة، ولكن هناك عوامل خطر معينة قد تتمكن من تجنبها.
إذا كنتِ حاملاً يجب تجنب السموم والمواد مثل الكحول والتبغ والمخدرات الترفيهية لتقليل خطر إصابة الأطفال بهذا الاضطراب.
المراجع
American Academy of Child & Adolescent Psychiatry. ADHD & the Brain
American Academy of Pediatrics. ADHD
American Psychiatric Association. What is ADHD?
Centers for Disease Control and Prevention. Attention-Deficit / Hyperactivity Disorder (ADHD)
U.S. National Institute of Mental Health. Attention-Deficit/Hyperactivity Disorder