يعتبر اضطراب القلق من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً في العصر الحديث، حيث يؤثر بشكل كبير على نوعية حياة المصابين بها.
يتراوح تأثير هذه الاضطرابات بين الشعور بالقلق المعتدل الذي يمكن التحكم فيه، إلى حالات من القلق الشديد الذي يعوق الشخص عن أداء مهامه اليومية. وتشمل اضطرابات القلق مجموعة من الحالات النفسية، مثل اضطراب القلق العام واضطراب الهلع والرهاب الاجتماعي وغيرها، وقد تتسبب هذه الحالات في مجموعة من الأعراض الجسدية والعاطفية التي تؤثر على الصحة العامة والرفاه النفسي.
في هذه المقالة سوف نستعرض أسباب اضطرابات القلق وأعراضها وطرق علاجها المختلفة مع تسليط الضوء على أهمية التشخيص المبكر والعلاج الفعّال في تحسين حياة المرضى والتخفيف من معاناتهم.
ما هو القلق ؟
هو نوع من حالات الصحة العقلية التي يستجيب فها الفرد لأشياء ومواقف معينة بالخوف والرعب ويقد يعاني أيضاً من علامات جسدية للقلق مثل خفقان القلب والتعرق.
من الطبيعي الشعور ببعض القلق أو التوتر في حال حدوث مشكلة في العمل أو الذهاب إلى مقابلة أو إجراء اختبار أو اتخاذ قرار مهم حيث يمكن أن يكون بعض القلق مفيداً أيضاً فهو يساعدنا على ملاحظة المواقف الخطيرة ويركز انتباهنا حتى نبقى آمنين، لكن اضطراب القلق يتجاوز العصبية العادية والخوف الطفيف الذي قد نشعر به من وقت لآخر.
يمكن أن يعاني الأطفال والمراهقون والبالغون من اضطرابات القلق والنساء هم أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب بنحو الضعف من الرجال.
ما هي أنواع اضطراب القلق؟
هناك عدة أنواع من هذا الاضطرابات وفقاً للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) للجمعية الأمريكية للطب النفسي وهو الدليل المرجعي القياسي لتشخيص حالات الصحة العقلية، تشمل أنواع اضطرابات القلق:
- اضطراب القلق العام (GAD): تسبب هذه الحالة الخوف والقلق والشعور المستمر بالإرهاق، يتميز بالقلق المفرط والمتكرر وغير الواقعي بشأن الأشياء اليومية مثل مسؤوليات العمل أو الصحة أو الأعمال المنزلية.
- رهاب الخلاء: تسبب هذه الحالة خوفاً شديداً من الإرهاق أو عدم القدرة على الهروب أو الحصول على المساعدة، غالباً ما يتجنب الأشخاص المصابون برهاب الخلاء الأماكن الجديدة والمواقف غير المألوفة مثل المناطق المفتوحة الكبيرة أو الأماكن المغلقة والحشود والأماكن خارج منازلهم.
- اضطراب الهلع: تنطوي هذه الحالة على نوبات هلع متعددة غير متوقعة، من أهم سمات هذه الحالة أن النوبات تحدث عادة دون سابق إنذار ولا ترجع إلى حالة صحية عقلية أو جسدية أخرى كما يعاني بعض الأشخاص المصابين باضطراب الهلع أيضاً من رهاب الخلاء.
- الرهاب المحدد: الرهاب هو شعور الفرد بالخوف أو القلق الشديد من شيء معين لدرجة أنه يعطل حياته باستمرار وبشكل ساحق، هناك المئات من أنواع الرهاب المختلفة وهناك تشخيص واحد لجميعها تقريباً وهو الرهاب المحدد.
- اضطراب القلق الاجتماعي: تحدث هذه الحالة (المعروفة سابقاً باسم الرهاب الاجتماعي) عندما يعاني المريض من خوف شديد ومستمر من الحكم السلبي و/أو المراقبة من قبل الآخرين.
- اضطراب قلق الانفصال: تحدث هذه الحالة عندما يشعر المريض بقلق مفرط بسبب الانفصال عن أحد أحبائه، في حين أن قلق الانفصال عند الأطفال هو مرحلة طبيعية من التطور إلا أن اضطراب قلق الانفصال يمكن أن يؤثر على الأطفال والبالغين.
- البكم الانتقائي: تحدث هذه الحالة عندما لا يتحدث الفرد في مواقف معينة بسبب الخوف أو القلق، وعادةً ما تؤثر على الأطفال الصغار ولكنها يمكن أن تؤثر أيضاً على المراهقين والبالغين.
تشترك حالات الصحة العقلية الأخرى في سمات مع اضطرابات القلق؛ وتشمل هذه اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) واضطراب الإجهاد الحاد واضطراب الوسواس القهري (OCD)، لكن الجمعية الأمريكية للطب النفسي تصنفها على أنها حالات مميزة وليست اضطرابات قلق.
ما هي أعراض القلق
قد تشمل الأعراض النفسية:
- الشعور بالذعر والخوف والرعب والقلق.
- الشعور بالتوتر أو الانفعال.
- أفكار هوسية لا يمكن السيطرة عليها.
- صعوبة التركيز.
قد تشمل الأعراض الجسدية:
- الأرق.
- خفقان القلب.
- ضيق التنفس.
- توتر العضلات.
- برودة اليدين أو تعرقهما.
- جفاف الفم.
- غثيان.
- خدر أو وخز في اليدين أو القدمين.
- صعوبة النوم أو الأرق.
أسباب اضطرابات القلق
مثل الأنواع الأخرى من حالات الصحة العقلية، لا يعرف الباحثون بالضبط ما الذي يسبب اضطرابات القلق لكنهم يعتقدون أن مجموعة من العوامل تلعب دوراً في ذلك مثل:
- اختلال التوازن الكيميائي: تلعب العديد من النواقل العصبية والهرمونات دوراً في القلق، بما في ذلك النورادرينالين والسيروتونين والدوبامين وحمض جاما أمينوبوتيريك (GABA) حيث يمكن أن تساهم اختلالات التوازن في هذه المواد الكيميائية في اضطراب القلق.
- تغيرات الدماغ: يلعب جزء من الدماغ ويسمى اللوزة دوراً مهماً في إدارة الخوف والقلق، وتظهر الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق يظهرون نشاطاً متزايداً في اللوزة استجابةً لإشارات القلق.
- العوامل الوراثية: تميل اضطرابات القلق إلى الانتشار في العائلات البيولوجية، وهذا يشير إلى أن العوامل الوراثية قد تلعب دوراً في المرض ويزداد احتمال الإصابة بهذا الاضطراب إذا كان لدى المريض قريب من الدرجة الأولى (والد أو شقيق) يعاني من اضطراب القلق.
- العوامل البيئية: يمكن أن يؤدي الإجهاد الشديد أو طويل الأمد إلى تغيير توازن النواقل العصبية التي تتحكم في المزاج، يمكن أن يساهم التعرض للكثير من الإجهاد لفترة طويلة في هذا الاضطراب كما يمكن أن يؤدي التعرض لحدث صادم أيضاً إلى إثارة اضطرابات القلق.
طرق تشخيص اضطرابات القلق
من خلال إجراء فحص جسدي للمريض والسؤال عن التاريخ الطبي، وأي أدوية يتناولها وما إذا كان أي من أفراد العائلة قد شخص باضطراب القلق.
لا توجد اختبارات دم أو فحوصات تصوير يمكنها تشخيص هذه الاضطرابات، لكن قد يجري مقدم الرعاية بعض هذه الاختبارات لاستبعاد الحالات الجسدية التي قد تسبب الأعراض مثل فرط نشاط الغدة الدرقية.
يعتمد مقدم الرعاية في التشخيص على:
- الأعراض التي يعاني منها المريض بما في ذلك مدى شدتها ومدة استمرارها.
- مناقشة كيفية تأثير الأعراض على الحياة اليومية.
- ملاحظة مقدم الخدمة لسلوكيات المريض.
كيف أتخلص من القلق ؟
يشبه هذا الاضطراب أي حالة صحية أخرى تتطلب العلاج، إذ لا بد من التوجه إلى الطبيب النفسي من أجل وضع خطة علاجية يمكن أن تشمل مزيجاً من الأدوية والعلاج النفسي (العلاج بالكلام).
أدوية اضطرابات القلق:
لا يمكن للأدوية علاج هذا الاضطراب لكنها يمكن أن تحسن الأعراض وتساعد المريض على العمل بشكل أفضل، غالباً ما تشمل أدوية اضطرابات القلق ما يلي:
- مضادات الاكتئاب: في حين أنها تعالج الاكتئاب بشكل أساسي يمكن لهذه الأدوية أيضاً المساعدة في علاج اضطرابات القلق عن طريق تحسين الحالة المزاجية وتقليل التوتر.
- البنزوديازيبينات: قد تعمل هذه الفئة من الأدوية على تقليل القلق والذعر.
- حاصرات بيتا: يمكن أن تساعد هذه الأدوية في تقليل بعض الأعراض الجسدية لاضطرابات القلق مثل ضربات القلب السريعة والارتعاش والرعشة لكنها لا تعالج الجوانب النفسية لاضطرابات القلق.
العلاج النفسي لاضطرابات القلق:
“العلاج النفسي” والذي يُطلق عليه أيضًا العلاج بالكلام، هو مصطلح لمجموعة متنوعة من تقنيات العلاج التي تهدف إلى مساعدة المريض على تحديد المشاعر والأفكار والسلوكيات غير الصحية وتغييرها وتشمل الأساليب:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): هذا هو النوع الأكثر شيوعاً من العلاج النفسي للمساعدة في إدارة اضطرابات القلق حيث يتم التعرف على أنماط التفكير والسلوكيات التي تؤدي إلى مشاعر مزعجة وتحديدها ثم يتم العمل على تغيير الأفكار وردود أفعال المريض تجاه المواقف المحفزة.
- العلاج بالتعرض: هذا هو نوع من العلاج حيث يخلق مقدم الرعاية الصحية العقلية بيئة آمنة لتعريض المريض للمخاوف، قد تكون المخاوف أشياء أو مواقف و/أو أنشطة ويساعد العلاج بالتعرض في مواجهة المخاوف.
هل يمكن الوقاية من الإصابة باضطراب القلق؟
لا توجد حالياً طريقة معروفة للوقاية من اضطرابات القلق ولكن يمكن التخفيف من العديد من المشاكل المرتبطة بها بالعلاج.
إن طلب المساعدة بمجرد ظهور الأعراض يمكن أن يساعد في تقليل الاضطرابات التي قد تطرأ على الحياة.
المراجع
American Psychiatric Association. What Are Anxiety Disorders?
National Institute of Mental Health (U.S.). Anxiety Disorders
Substance Abuse and Mental Health Services Administration (U.S.). Anxiety Disorders